بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم
هو أبو داود سليمان بن الأشعت بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمر بن عمران الأسدي السجستاني وأحيانا يسمون عمران عمرا،
جده عمران يقال أنه قتل مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بصفين، ولد سنة 202 هجرية.
• طلب العلم في الصغر في بلده سجستان، ونجده أيضا بدء في الرحلة وهو صغير في السن,
فرحل إلى بغداد في سنة 220 هجرية وعمره 18 سنة ورحل إلى الشام سنة 222 هجرية ولذلك نجده حظي بعلو الإسناد
ويأتي في مرتبة علو الإسناد بعد البخاري، بل نجد أنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه فإذا يفوق مسلم في هذه المرتبة.
• انتقل رحمه الله إلى البصرة في آخر عمره سنة 271 هجرية أي قبل وفاته بحوالي 4 سنوات،
وهذه النقلة لها سبب وذلك أن الأمير طرق عليه بابه يوما من الأيام ثم دخل عليه وطلب منه ثلاثة أمور:
أولها انتقاله إلى البصرة لأن الزنج أحدثوا فتنة حتى يرجع الناس ويستوطنوا البصرة لأن الناس كانوا مشدودين بالعلماء،
فلا شك أن انتقال أبو داود إلى البصرة سيكون مدعاة لرحيل طلبة العلم على الأقل هناك،
ثانيها طلب منه أن يروي السنن لأولاده، وثالثها أمره بأن يفرد أولاده بمجلس حتى لا يشترك الناس فيه.
• وارتحل كما ارتحل كثير من العلماء الكبار قصد طلب الحديث فمن رحلاته
ذهب إلى مصر فرأى فيها العجائب كما ذكر في كتاب الزكاة في باب صدقة الزرع
)2/252( في آخر هذا الباب ذكر حديث ثم ذكر أن في مصر وجد قثاء وهو نوع من الخيار طولها 13 شبرا
وذكر أنه رأى أُشْرُحَهْ على بعير قطعت قطعتين ووضعت على جانبي البعير لكبر حجمها،
وهذا كان معروفا في بعض البلاد التي كان يعم بها الخير أو في مزارع بعض الصالحين
ومن ذلك ما روي في كتاب الورع للإمام أحمد رحمه الله أنهم وجدوا سرة فيها حبات قمح الحبة منها كنواة التمر وهذا كان في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
• واشتهر بملازمة الإمام أحمد رحمه الله حتى عُدَّمن كبار أصحابه وأسئلته معروفة،
وروى للإمام أحمد في سننه نحو 220 حديثا وهذا عدد كبير مقارنة بحوالي 4000 حديث يخرجها عن حوالي 300 شيخ،
وكان يقول دخلت على أبي عبد الله في منزله ما لا أحصيه، وقد ألف كتاب السنن في حياة الإمام أحمد وعرضه عليه فاستحسنه الإمام عليهم رحمة الله أجمعين.
ومادام أنه عرضه على الإمام أحمد والإمام متوفي سنة 241 هجرية رحمه الله
إذا فقد ألف كتابه هذا في عصر مبكر وسماه كتاب السنن، كما جاء مصرحا به في رسالته إلى أهل مكة.
ولكتاب السنن روايات عديدة أشهرها رواية اللؤلؤي وابن داسة وابن الأعرابي وابن العبد، وأما رواية ابن العبد يظهر أنها مفقودة،
والمشهور من هذه الروايات اللؤلؤي وابن داسة والأولى مقدمة لأن اللؤلؤي أطال المكوث عند أبي داود وهو الذي كان يقرأ السنن في مجلس أبي داود,
وآخر عرضة عرضت على أبي داود كانت للؤلئي ولذلك نجد الشروح كلها على رواية اللؤلؤي.
أما رواية ابن داسة فهي مشهورة في المغرب وتمتاز بكثرة العدد فهي أكمل,
لكن نجد أن أبو عمر الهاشمي الراوي عن اللؤلؤي ذكر أن زيادات ابن داسة حذفها أبو داود في تلك العرضات في آخر حياته.
• أراد رحمه الله تعالى أن يجمع كتابه أحاديث الأحكام، وعلى هذا فالجوامع هي التي تضم أحاديث جميع أبواب الدين،
أما السنن فإن الكتاني عرف السنن قائلا: هي الكتب التي ألفت لتضم كثيرا من أبواب الدين ولا تضم الموقوف أو المقطوع لأنها ليست سنن.
ولا يسلم لهذا لأن في السنن الآثار الموقوفة كالجوامع وألف ابن جريج وابن المبارك وغيرهم
تحت مسمى السنن وفيها الموقوف والمقطوع ما لا يحصى ومثاله سنن سعيد بن منصور، وكذا المصنفات هو على نسيج السنن.
وإذا نظرنا كتاب البيهقي في سننه نجد أنه يورد الموقوف والمقطوع وكذا سنن الدارمي
إذا أبو داود نحى منحى آخر في التصنيف ألا وهو أحاديث الأحكام فقط.
• يحاول أن لا يورد الحديث مطولا فإذا كان الحديث طويلا اختصره كما صرح به في رسالته السابقة الذكر.
ولم يقتصر على الصحيح فقط بل ذكر في بعض الأبواب الضعيف ولا يورد أحاديث كثيرة في الباب، بل يورد حديثا أو حديثين.
• إيراده للحديث الضعيف يكون المشهور منه فقط، ففي رسالته ذكر أنه يخرج في الباب الصحيح وما يشابهه وما كان فيه وهن شديد بينته، وما يسكت عنه فهو صالح.
واضطرب العلماء في هذا الأخير: هل يعني بصالح أنه صالح للإحتجاج به أو صالح للإعتبار؟
والحقيقة أننا إذا تأملنا في تلك الأحاديث وجدنا أن فيها ما هو مخرج في الصحيحين ومنه ما هو صالح للإعتبار،
ولكن سكت أيضا عن أحاديث فيها ضعف شديد ولم يبين عليه رحمة الله من ذلك ما رواه في كتاب الأدب
عن مسلم بن قتيبة عن داود بن أبي صالح عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجل أن يمشي بين امرأتين
)5274( فنجد أن العلماء حكموا عليه بالنكارة لأجل داود بن أبي صالح وهو منكر الحديث.
والصحيح من هذا أنه كان يقصد بمعنى وما سكت عنه فهو صالح أنه صالح فيرجع إلى أبي داود
لأننا كما قلنا بأنه سكت عن أحاديث ضعيفة وشديدة الضعف وهذه لا يمكن الاحتجاج بها وكذلك سكت عن أحاديث منكرة وهي لا يجوز الاعتبار بها،
ولا يعني الصالح بأنه حسن.
• مات رحمه الله تعالى في 16 من شوال سنة 275 هجرية.
• الشروح عليه: ابن القيم، الخطابي، مُغْلَطَايْ، العظيم آبادي، تكلم الجياني في رجال أبي داود، وللمنذري تخريج على سنن أبي داود،
وكذلك الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله والشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله له شرح لكن لم يكمل بعد.
.